تتعرض العملات المشفرة لأزمة سردية عميقة. صحيح أننا حققنا تقدمًا كبيرًا على المستوى التقني، حيث شهدت البنية التحتية والقدرة على المعالجة وأداء التوسع تحسينات هائلة. ولكن على المستوى الثقافي، يقع القطاع بأكمله في نوع من "الركود"، ويعود جزء كبير من ذلك إلى فقداننا القدرة على سرد القصص المؤثرة. باستثناء البيتكوين وعملة سولانا الميم، لم يتمكن القطاع منذ سنوات من جذب مشاركين جدد بشكل عضوي، والغيمة من العدمية الناتجة تظلل القطاع بأسره، خاصة في إيثيريوم والبيئة المحيطة بها.
ومع ذلك، أين هو antidote؟ إن سرد القصة بشكل بسيط ليس كافياً، والإعلانات الترويجية هي مجرد قطرة في دلو. يجب علينا بناء نظام الأسطورة. بناء الأسطورة (Lorebuilding) ليس مجرد تكرار السرد، بل هو بناء مسرح حيث يمكن للناس أن يشاركوا في خلق كون الأسطورة المشترك.
عند كتابة هذا المقال، كان من الصعب عليّ تلخيص جميع معاني "بناء الأساطير" بشكل كامل، فهذه المفهوم الجديد الذي يتم تعريفه لا يزال في طور التطور. إن النقاشات المذكورة في النص هي فقط نتائج مرحلية، وفي المستقبل سأقوم بتوسيع وتوضيح المفهوم من خلال سلسلة من المقالات، وسأقدم المزيد من الأمثلة لدعم وجهة نظري. أتطلع أيضًا إلى انضمام المزيد من الأشخاص إلى النقاش، Bringing their unique thoughts and interpretations.
اذهب لبناء الأسطورة، يا صديقي
"بناء الأسطورة" يهدف إلى تنمية نظام سردي حيوي يمكنه أن يستشرف القضايا الواقعية الحالية، ويستوعب الميمات التي تحمل صدى عالمي وتظل خالدة، وفي النهاية ينسج قصة تولد إحساسًا بالانتماء، مما يشجع المشاركة الجماعية في الإبداع. و"بناة الأسطورة" هم أولئك الذين يستطيعون التعرف على الاتجاهات الناشئة، وفهم سياقها التاريخي، وفي الوقت نفسه استيعاب المشاعر الجماعية، وتحويلها إلى سرد متماسك وجذاب. إنهم مثل الأنبياء في الأساطير. لن يفرض البناة الماهرون الاتجاه بالقوة، بل يستمعون ويحافظون على هذه العملية، مواكبين تطور الأسطورة نفسها. لا يمكن تزوير بناء الأسطورة ولا يوجد اختصار، بل يجب أن يتم الممارسة الشخصية والانغماس فيها.
تبدأ الأسطورة من فكرة أو مجموعة من الأفكار، مثل بذور تُزرع من قبل "بناة الأسطورة التأسيسية" في تربة ثقافية خصبة، وتبدأ في التوطن والنمو في عقول المؤمنين الأوائل. إذا تجاوزت أسطورة ما نقطة حرجة وأصبحت قوية بما يكفي، ستجذب مجموعات مختلفة للانضمام، والمساهمة برموزها أو أفعالها. مثل نمو حلقات الأشجار، يسجل كل جيل مشارك علامات جديدة على الأسطورة، ويضخ معاني جديدة وديناميكية.
تتكون ثلاث مراحل من تأثير الأسطورة من: الاهتمام، والتجاوب، والإبداع المشترك.
الطبقة الأولى "الاهتمام": الناس فقط يستثمرون القليل من الجهد، لم يستثمروا فعلاً بعد؛
الطبقة الثانية "الرنين": يبدأ الناس في الشعور بالانتماء وتكوين الهوية.
المستوى الثالث "التعاون": يغمر الناس بعمق، ويساهمون في الأسطورة بطريقتهم الخاصة - يمكن أن تكون نكتة داخلية بسيطة أو نسخ ولصق (copypasta)، أو حدث بارز أو رواية جديدة لجذب أعضاء جدد.
جوهر الأسطورة هو سرد يتشكل من خلال الخبرات الجماعية. أعلى أشكاله هو رفع الأفعال المتكررة والميم إلى ثقافة مشتركة، مما يخلق شعور بالانتماء لدى الناس ويدفعهم للعمل، مما يؤدي في النهاية إلى تشكيل سلالة روحية تستحق أن تُنقل عبر الأجيال.
أسطورة بناء البيتكوين والإيثريوم
إذا كان هناك نموذج يمكن أن يُذكر في بناء الأساطير، فإن البيتكوين والإيثريوم دون شك هما أفضل الأمثلة، ويُعتبر ساتوشي ناكاموتو بمثابة "باني الأساطير الإبراهيمية" (Abrahamic Lorebuilder) لكليهما - تمامًا كما يُعتبر إبراهيم أبا الديانات الثلاث. إن أفكار ساتوشي ليست فقط حجر الأساس للبيتكوين، بل ألهمت أيضًا عددًا لا يحصى من البروتوكولات. لقد كان البيتكوين والإيثريوم موجودين لأكثر من عشر سنوات، مما يوفر لنا مساحة كافية لاسترجاع مسار ولادتهما وتطورهما الكامل.
بتكوين: من الخلق إلى الظاهرة الثقافية
أسطورة البيتكوين بدأت مع منشئها الأصلي ساتوشي ناكاموتو. في أعقاب الأزمة المالية لعام 2008، أثار لأول مرة تساؤلات منهجية حول طبيعة النظام المالي والسياسي الحديث. في الورقة البيضاء الأصلية، تم وصف البيتكوين كنظام "نقدي إلكتروني من نظير إلى نظير"، متجذرة في فكرة السيادة النقدية التي تحكمها الشيفرة بدلاً من المؤسسات البشرية، بينما تم تضمين خصائص مثل اللامركزية، ومقاومة الرقابة، والندرة مباشرة في قاعدة البروتوكول.
في الواقع، لم تكن البيتكوين هي المحاولة الأولى للعملات الرقمية (فقد كانت هناك DigiCash وBit Gold وHashcash من قبل)، لكن الاختراق الذي حققه ساتوشي ناكاموتو هو أنه دمج إنجازات السابقين (إثبات العمل، التوقيع الرقمي، آلية الندرة) وابتكر إدخال تصميمات مثل "قاعدة السلسلة الأطول" و"آلية النصف". عندما نقش في الكتلة الأصلية "صحيفة التايمز 3 يناير 2009: وزير المالية على حافة الجولة الثانية من إنقاذ البنوك"، كانت هذه البذور قد زرعت في التربة الثقافية. بعد ذلك، أصبحت المجتمع طوعاً مربي الأسطورة. لقد خلقوا مبدأ "الخصوصية"، وأسسوا ميمات مثل "HODL"، وأقاموا طقوس مثل يوم بيتزا البيتكوين، وأيضاً من خلال حادثة Mt.Gox، صقلوا الذاكرة الجماعية "إذا لم تكن مفاتيحك، فلا عملاتك".
إذا تم إعادة سرد تاريخ البيتكوين من منظور الأسطورة، يمكن تقسيمه إلى الفترات التالية:
ساتوشي ناكاموتو وعصر القراصنة: وضع الأساس الفكري
「قراصنة الرعب روبرتس」 (أي روس أولبريخت) وعصر طريق الحرير: التحقق من أول حالة استخدام حقيقية
«مسيح البيتكوين» روجر فير: تمويل الجيل الأول من الشركات الناشئة
مايكل سايلور وعصر وول ستريت: إدخال البيتكوين إلى الدوائر المؤسسية
الإيثيريوم: أسطورة قابلة للبرمجة
بيتكوين أنشأت أسطورة العملات المشفرة بينما إيثيريوم تشبه "تفاحة" سقطت بجانب الشجرة. مؤسس إيثيريوم فيتاليك بوتيرين جاء من عالم بيتكوين، حيث كان نشطًا في المجتمع كأحد مؤسسي ومحرري "مجلة بيتكوين"، وبعد المشاركة في العديد من المشاريع، قام في النهاية بفتح طريقه الخاص.
تدفع Ethereum فكرة Bitcoin إلى آفاق جديدة، حيث تقوم ببرمجة الخصائص السيادية. إذا كان بإمكان Bitcoin أن تحقق رؤية "الخروج من النظام القديم"، فإن Ethereum قد فتحت إمكانيات "بناء عالم جديد من الصفر". تم تحسين لغة سكربت Bitcoin لنقص العملة، بينما كآلة افتراضية عامة متكاملة، تزرع Ethereum حديقة "لانهائية" خصبة، وهو ما يشكل أساس أسطورة "الكمبيوتر العالمي" الخاصة بها. لقد تم زرع بذور DeFi و NFT و DAO في جينات Ethereum منذ زمن بعيد، وتنتظر فقط صانعي الأسطورة من الأجيال القادمة لرعايتها بعناية.
30 يوليو 2015، تم إطلاق الإيثيريوم رسميًا. العنوان الصحفي المنقوش في الكتلة الأصلية، والذي هو نفسه الموجود في بيتكوين: "صحيفة التايمز 3 يناير 2009: وزير المالية يقف عند حافة الجولة الثانية من إنقاذ البنوك"، هو تكريم للأسلاف، ويربط بين هذين الأسطورتين بشكل وثيق.
ما يجعل Ethereum Legends Build فريدا هو نموذجها للبناء متعدد الطبقات. بالإضافة إلى فيتاليك ، أسس البناء المبكر جو لوبين ConsenSys واحتضن أدوات المطورين مثل MetaMask و Infura و Truffle ، مما قلل بشكل كبير من حاجز بناء Ethereum. والأهم من ذلك ، أن ConsenSys جلبت أيضا المئات من بناة Ethereum إلى بروكلين ومدينة نيويورك ، وزرعت بذور مدينة نيويورك لتصبح واحدة من أهم مراكز العملات المشفرة في العالم. في ذروتها ، وظفت ConsenSys أكثر من 1200 شخص. على الرغم من أنها خضعت لتعديلات استراتيجية ، إلا أن الأساس الذي وضعته كان دائما يغذي تغيير الأجيال في نظام Ethereum البيئي.
أسطورة بناء حالة بيتكوين وإيثريوم
تسمح بساطة البيتكوين لمبدعي الأساطير الجدد بإنشاء قصص جديدة. على سبيل المثال، قام مايكل سايلور بتسلم الشعلة من السابقين، وقاد البيتكوين إلى عصر وول ستريت. اليوم، أصبحت البيتكوين ETF خاضعة للتنظيم، وحصلت على وسام اعتراف من النظام المالي التقليدي.
بالمقارنة، فإن الإيثيريوم يبدو أكثر تعقيدًا، حيث إن بنائه الأسطوري يتكون من طبقات متداخلة. من جنون ICO، صيف التمويل اللامركزي، حماس NFT إلى إحياء DAO، كل عصر يعكس موضوع "ماذا يمكن بناؤه على الإيثيريوم"، في حين أنه يستمر في نقل روحه.
ومع ذلك، في السنوات الأخيرة، بسبب تفريغ الطاقة الكامنة التي كانت متجمعة في الأصل، ضعفت أسطورة إيثيريوم بشكل حاد. تم تقسيم انتباه الناس وحصصهم الذهنية بواسطة أنواع مختلفة من L2 وL1 البديلة - بينما قبل بضع سنوات، كانت هذه المشاريع قادرة على جذب المستخدمين مباشرة إلى إيثيريوم نفسه. على الرغم من أن L2 كانت موجودة في خريطة الطريق وتمت ترقيتها وفقًا للخطة، إلا أنها في الواقع أوجدت انقطاعًا في السلسلة التراثية الأصلية لإيثيريوم. يمكنني أن أقول حتى أن L2 الحالية أصبحت روحياً L1 مستقلة.
التسويق ليس أسطورة بناء
الأمر الأسوأ هو أننا نشهد مجموعة من أساليب "خط التجميع" التي تركز على الأرقام وتفتقر إلى القصص تتكرر باستمرار: تقوم الشبكات العامة بجمع مبالغ ضخمة من المال، وتطلق حملات تسويقية قصيرة الأجل، وبعد إصدار الرموز، يتبخر النظام البيئي بأكمله بسرعة. هذه النموذج يصعب الاستمرار فيه، وكلما زاد الأمر سوءًا، زادت احتمالية أن يتم استهلاك العملات المشفرة نفسها. في السعي الأعمى وراء المؤشرات، تم استبدال الأساطير العميقة بالتسويق، وتم استبدال الأساطير العميقة بشعارات رخيصة.
ما نراه اليوم ليس سوى هدف سطحي لجذب المشاركين "المرتزقة". المؤشرات التي كانت تمثل تقدما في يوم من الأيام تم التلاعب بها إلى حد لا معنى له. ينظر إلى المستخدمين على أنهم نقاط بيانات يجب تحسينها ، وليسوا أرواحا يجب إلهامها. إنها ليست أقل من صفقة فاوستية تقودنا في النهاية إلى الإرهاق وخيبة الأمل في الوقت الحالي.
التسويق نفسه ليس له ذنب - إنه في الأصل ممارسة تجارية مجربة. المشكلة تكمن في أن المسوقين عندما يدخلون عالم العملات المشفرة دون معرفة خلفية الثقافة المشفرة وقصصها الأساسية، فإن التسويق الذي يفتقر إلى الدعم الأسطوري، قد يكون في أحسن الأحوال فارغاً، وفي أسوأ الأحوال يمكن أن يُعتبر استنزافاً للموارد. بالنسبة للعملات المشفرة (وخاصة الإيثيريوم)، للتمكن من الخروج من الركود الحالي، يجب أولاً التخلي تماماً عن هذا التفكير التسويقي البحت.
ختام
تعتبر أسطورة البناء البنية التحتية الروحية التي تجمع المجتمع، حيث تعطي الأفراد معنى، وتمنح الجماعات انتماءً. ومع ذلك، عندما تتجاهل معظم الزوايا في الصناعة ذلك، وتبدأ في مطاردة تلك المؤشرات الباردة التي تجذب الانتباه على المدى القصير، نفقد تمامًا القدرة على الاحتفاظ على المدى الطويل.
لحسن الحظ، لم يتم القضاء على الأمل بعد. يمكننا تمامًا أن ننتعش من هذه الذاكرة الجماعية المفقودة، ونبدأ من جديد في بناء الإنجازات التي أسسها الأسطورة. هناك عدد لا يحصى من السوابق التي يمكننا دراستها وتقليدها وتجديدها. فقط من خلال التوقف عن خداع أنفسنا، يمكننا السماح لساعة التاريخ بالعودة إلى المسار الصحيح.
أنا أتطلع إلى عالم يتم فيه نسج السيمفونيات السردية من قبل آلاف من صانعي الأساطير، حيث تستمر المجتمعات النشطة في خلق تقنيات جديدة وثقافات جديدة من خلال التعاون. طالما أننا نكسر حدود فقاعات المعلومات الذاتية، ونعوض العمل الفردي بالعمل المشترك، ستكون نهضة سردية وإعادة بناء الأساطير في متناول اليد.
المحتوى هو للمرجعية فقط، وليس دعوة أو عرضًا. لا يتم تقديم أي مشورة استثمارية أو ضريبية أو قانونية. للمزيد من الإفصاحات حول المخاطر، يُرجى الاطلاع على إخلاء المسؤولية.
التشفير السردي الأزمة: عندما "الأسطورة" تبني مكانًا للجنون التسويقي
المؤلف: التمويل اللامركزي ديف
ترجمة: يانغز، أخبار تيكوب
تتعرض العملات المشفرة لأزمة سردية عميقة. صحيح أننا حققنا تقدمًا كبيرًا على المستوى التقني، حيث شهدت البنية التحتية والقدرة على المعالجة وأداء التوسع تحسينات هائلة. ولكن على المستوى الثقافي، يقع القطاع بأكمله في نوع من "الركود"، ويعود جزء كبير من ذلك إلى فقداننا القدرة على سرد القصص المؤثرة. باستثناء البيتكوين وعملة سولانا الميم، لم يتمكن القطاع منذ سنوات من جذب مشاركين جدد بشكل عضوي، والغيمة من العدمية الناتجة تظلل القطاع بأسره، خاصة في إيثيريوم والبيئة المحيطة بها.
ومع ذلك، أين هو antidote؟ إن سرد القصة بشكل بسيط ليس كافياً، والإعلانات الترويجية هي مجرد قطرة في دلو. يجب علينا بناء نظام الأسطورة. بناء الأسطورة (Lorebuilding) ليس مجرد تكرار السرد، بل هو بناء مسرح حيث يمكن للناس أن يشاركوا في خلق كون الأسطورة المشترك.
عند كتابة هذا المقال، كان من الصعب عليّ تلخيص جميع معاني "بناء الأساطير" بشكل كامل، فهذه المفهوم الجديد الذي يتم تعريفه لا يزال في طور التطور. إن النقاشات المذكورة في النص هي فقط نتائج مرحلية، وفي المستقبل سأقوم بتوسيع وتوضيح المفهوم من خلال سلسلة من المقالات، وسأقدم المزيد من الأمثلة لدعم وجهة نظري. أتطلع أيضًا إلى انضمام المزيد من الأشخاص إلى النقاش، Bringing their unique thoughts and interpretations.
اذهب لبناء الأسطورة، يا صديقي
"بناء الأسطورة" يهدف إلى تنمية نظام سردي حيوي يمكنه أن يستشرف القضايا الواقعية الحالية، ويستوعب الميمات التي تحمل صدى عالمي وتظل خالدة، وفي النهاية ينسج قصة تولد إحساسًا بالانتماء، مما يشجع المشاركة الجماعية في الإبداع. و"بناة الأسطورة" هم أولئك الذين يستطيعون التعرف على الاتجاهات الناشئة، وفهم سياقها التاريخي، وفي الوقت نفسه استيعاب المشاعر الجماعية، وتحويلها إلى سرد متماسك وجذاب. إنهم مثل الأنبياء في الأساطير. لن يفرض البناة الماهرون الاتجاه بالقوة، بل يستمعون ويحافظون على هذه العملية، مواكبين تطور الأسطورة نفسها. لا يمكن تزوير بناء الأسطورة ولا يوجد اختصار، بل يجب أن يتم الممارسة الشخصية والانغماس فيها.
تبدأ الأسطورة من فكرة أو مجموعة من الأفكار، مثل بذور تُزرع من قبل "بناة الأسطورة التأسيسية" في تربة ثقافية خصبة، وتبدأ في التوطن والنمو في عقول المؤمنين الأوائل. إذا تجاوزت أسطورة ما نقطة حرجة وأصبحت قوية بما يكفي، ستجذب مجموعات مختلفة للانضمام، والمساهمة برموزها أو أفعالها. مثل نمو حلقات الأشجار، يسجل كل جيل مشارك علامات جديدة على الأسطورة، ويضخ معاني جديدة وديناميكية.
تتكون ثلاث مراحل من تأثير الأسطورة من: الاهتمام، والتجاوب، والإبداع المشترك.
جوهر الأسطورة هو سرد يتشكل من خلال الخبرات الجماعية. أعلى أشكاله هو رفع الأفعال المتكررة والميم إلى ثقافة مشتركة، مما يخلق شعور بالانتماء لدى الناس ويدفعهم للعمل، مما يؤدي في النهاية إلى تشكيل سلالة روحية تستحق أن تُنقل عبر الأجيال.
أسطورة بناء البيتكوين والإيثريوم
إذا كان هناك نموذج يمكن أن يُذكر في بناء الأساطير، فإن البيتكوين والإيثريوم دون شك هما أفضل الأمثلة، ويُعتبر ساتوشي ناكاموتو بمثابة "باني الأساطير الإبراهيمية" (Abrahamic Lorebuilder) لكليهما - تمامًا كما يُعتبر إبراهيم أبا الديانات الثلاث. إن أفكار ساتوشي ليست فقط حجر الأساس للبيتكوين، بل ألهمت أيضًا عددًا لا يحصى من البروتوكولات. لقد كان البيتكوين والإيثريوم موجودين لأكثر من عشر سنوات، مما يوفر لنا مساحة كافية لاسترجاع مسار ولادتهما وتطورهما الكامل.
بتكوين: من الخلق إلى الظاهرة الثقافية
أسطورة البيتكوين بدأت مع منشئها الأصلي ساتوشي ناكاموتو. في أعقاب الأزمة المالية لعام 2008، أثار لأول مرة تساؤلات منهجية حول طبيعة النظام المالي والسياسي الحديث. في الورقة البيضاء الأصلية، تم وصف البيتكوين كنظام "نقدي إلكتروني من نظير إلى نظير"، متجذرة في فكرة السيادة النقدية التي تحكمها الشيفرة بدلاً من المؤسسات البشرية، بينما تم تضمين خصائص مثل اللامركزية، ومقاومة الرقابة، والندرة مباشرة في قاعدة البروتوكول.
في الواقع، لم تكن البيتكوين هي المحاولة الأولى للعملات الرقمية (فقد كانت هناك DigiCash وBit Gold وHashcash من قبل)، لكن الاختراق الذي حققه ساتوشي ناكاموتو هو أنه دمج إنجازات السابقين (إثبات العمل، التوقيع الرقمي، آلية الندرة) وابتكر إدخال تصميمات مثل "قاعدة السلسلة الأطول" و"آلية النصف". عندما نقش في الكتلة الأصلية "صحيفة التايمز 3 يناير 2009: وزير المالية على حافة الجولة الثانية من إنقاذ البنوك"، كانت هذه البذور قد زرعت في التربة الثقافية. بعد ذلك، أصبحت المجتمع طوعاً مربي الأسطورة. لقد خلقوا مبدأ "الخصوصية"، وأسسوا ميمات مثل "HODL"، وأقاموا طقوس مثل يوم بيتزا البيتكوين، وأيضاً من خلال حادثة Mt.Gox، صقلوا الذاكرة الجماعية "إذا لم تكن مفاتيحك، فلا عملاتك".
إذا تم إعادة سرد تاريخ البيتكوين من منظور الأسطورة، يمكن تقسيمه إلى الفترات التالية:
الإيثيريوم: أسطورة قابلة للبرمجة
بيتكوين أنشأت أسطورة العملات المشفرة بينما إيثيريوم تشبه "تفاحة" سقطت بجانب الشجرة. مؤسس إيثيريوم فيتاليك بوتيرين جاء من عالم بيتكوين، حيث كان نشطًا في المجتمع كأحد مؤسسي ومحرري "مجلة بيتكوين"، وبعد المشاركة في العديد من المشاريع، قام في النهاية بفتح طريقه الخاص.
تدفع Ethereum فكرة Bitcoin إلى آفاق جديدة، حيث تقوم ببرمجة الخصائص السيادية. إذا كان بإمكان Bitcoin أن تحقق رؤية "الخروج من النظام القديم"، فإن Ethereum قد فتحت إمكانيات "بناء عالم جديد من الصفر". تم تحسين لغة سكربت Bitcoin لنقص العملة، بينما كآلة افتراضية عامة متكاملة، تزرع Ethereum حديقة "لانهائية" خصبة، وهو ما يشكل أساس أسطورة "الكمبيوتر العالمي" الخاصة بها. لقد تم زرع بذور DeFi و NFT و DAO في جينات Ethereum منذ زمن بعيد، وتنتظر فقط صانعي الأسطورة من الأجيال القادمة لرعايتها بعناية.
30 يوليو 2015، تم إطلاق الإيثيريوم رسميًا. العنوان الصحفي المنقوش في الكتلة الأصلية، والذي هو نفسه الموجود في بيتكوين: "صحيفة التايمز 3 يناير 2009: وزير المالية يقف عند حافة الجولة الثانية من إنقاذ البنوك"، هو تكريم للأسلاف، ويربط بين هذين الأسطورتين بشكل وثيق.
ما يجعل Ethereum Legends Build فريدا هو نموذجها للبناء متعدد الطبقات. بالإضافة إلى فيتاليك ، أسس البناء المبكر جو لوبين ConsenSys واحتضن أدوات المطورين مثل MetaMask و Infura و Truffle ، مما قلل بشكل كبير من حاجز بناء Ethereum. والأهم من ذلك ، أن ConsenSys جلبت أيضا المئات من بناة Ethereum إلى بروكلين ومدينة نيويورك ، وزرعت بذور مدينة نيويورك لتصبح واحدة من أهم مراكز العملات المشفرة في العالم. في ذروتها ، وظفت ConsenSys أكثر من 1200 شخص. على الرغم من أنها خضعت لتعديلات استراتيجية ، إلا أن الأساس الذي وضعته كان دائما يغذي تغيير الأجيال في نظام Ethereum البيئي.
أسطورة بناء حالة بيتكوين وإيثريوم
تسمح بساطة البيتكوين لمبدعي الأساطير الجدد بإنشاء قصص جديدة. على سبيل المثال، قام مايكل سايلور بتسلم الشعلة من السابقين، وقاد البيتكوين إلى عصر وول ستريت. اليوم، أصبحت البيتكوين ETF خاضعة للتنظيم، وحصلت على وسام اعتراف من النظام المالي التقليدي.
بالمقارنة، فإن الإيثيريوم يبدو أكثر تعقيدًا، حيث إن بنائه الأسطوري يتكون من طبقات متداخلة. من جنون ICO، صيف التمويل اللامركزي، حماس NFT إلى إحياء DAO، كل عصر يعكس موضوع "ماذا يمكن بناؤه على الإيثيريوم"، في حين أنه يستمر في نقل روحه.
ومع ذلك، في السنوات الأخيرة، بسبب تفريغ الطاقة الكامنة التي كانت متجمعة في الأصل، ضعفت أسطورة إيثيريوم بشكل حاد. تم تقسيم انتباه الناس وحصصهم الذهنية بواسطة أنواع مختلفة من L2 وL1 البديلة - بينما قبل بضع سنوات، كانت هذه المشاريع قادرة على جذب المستخدمين مباشرة إلى إيثيريوم نفسه. على الرغم من أن L2 كانت موجودة في خريطة الطريق وتمت ترقيتها وفقًا للخطة، إلا أنها في الواقع أوجدت انقطاعًا في السلسلة التراثية الأصلية لإيثيريوم. يمكنني أن أقول حتى أن L2 الحالية أصبحت روحياً L1 مستقلة.
التسويق ليس أسطورة بناء
الأمر الأسوأ هو أننا نشهد مجموعة من أساليب "خط التجميع" التي تركز على الأرقام وتفتقر إلى القصص تتكرر باستمرار: تقوم الشبكات العامة بجمع مبالغ ضخمة من المال، وتطلق حملات تسويقية قصيرة الأجل، وبعد إصدار الرموز، يتبخر النظام البيئي بأكمله بسرعة. هذه النموذج يصعب الاستمرار فيه، وكلما زاد الأمر سوءًا، زادت احتمالية أن يتم استهلاك العملات المشفرة نفسها. في السعي الأعمى وراء المؤشرات، تم استبدال الأساطير العميقة بالتسويق، وتم استبدال الأساطير العميقة بشعارات رخيصة.
ما نراه اليوم ليس سوى هدف سطحي لجذب المشاركين "المرتزقة". المؤشرات التي كانت تمثل تقدما في يوم من الأيام تم التلاعب بها إلى حد لا معنى له. ينظر إلى المستخدمين على أنهم نقاط بيانات يجب تحسينها ، وليسوا أرواحا يجب إلهامها. إنها ليست أقل من صفقة فاوستية تقودنا في النهاية إلى الإرهاق وخيبة الأمل في الوقت الحالي.
التسويق نفسه ليس له ذنب - إنه في الأصل ممارسة تجارية مجربة. المشكلة تكمن في أن المسوقين عندما يدخلون عالم العملات المشفرة دون معرفة خلفية الثقافة المشفرة وقصصها الأساسية، فإن التسويق الذي يفتقر إلى الدعم الأسطوري، قد يكون في أحسن الأحوال فارغاً، وفي أسوأ الأحوال يمكن أن يُعتبر استنزافاً للموارد. بالنسبة للعملات المشفرة (وخاصة الإيثيريوم)، للتمكن من الخروج من الركود الحالي، يجب أولاً التخلي تماماً عن هذا التفكير التسويقي البحت.
ختام
تعتبر أسطورة البناء البنية التحتية الروحية التي تجمع المجتمع، حيث تعطي الأفراد معنى، وتمنح الجماعات انتماءً. ومع ذلك، عندما تتجاهل معظم الزوايا في الصناعة ذلك، وتبدأ في مطاردة تلك المؤشرات الباردة التي تجذب الانتباه على المدى القصير، نفقد تمامًا القدرة على الاحتفاظ على المدى الطويل.
لحسن الحظ، لم يتم القضاء على الأمل بعد. يمكننا تمامًا أن ننتعش من هذه الذاكرة الجماعية المفقودة، ونبدأ من جديد في بناء الإنجازات التي أسسها الأسطورة. هناك عدد لا يحصى من السوابق التي يمكننا دراستها وتقليدها وتجديدها. فقط من خلال التوقف عن خداع أنفسنا، يمكننا السماح لساعة التاريخ بالعودة إلى المسار الصحيح.
أنا أتطلع إلى عالم يتم فيه نسج السيمفونيات السردية من قبل آلاف من صانعي الأساطير، حيث تستمر المجتمعات النشطة في خلق تقنيات جديدة وثقافات جديدة من خلال التعاون. طالما أننا نكسر حدود فقاعات المعلومات الذاتية، ونعوض العمل الفردي بالعمل المشترك، ستكون نهضة سردية وإعادة بناء الأساطير في متناول اليد.