شهدت صناعة العملات الرقمية مؤخرًا موضوعًا لا يمكن تجاهله وهو الصراع على السياسات النقدية في الساحة السياسية الأمريكية. الرئيس الحالي ترامب يضغط باستمرار على رئيس الاحتياطي الفيدرالي باول، وهذه اللعبة السياسية والاقتصادية قد تؤثر مباشرة على اتجاه السوق المشفر بأكمله.

لنبدأ بتحركات ترامب. هدد علنًا بمقاضاة باول، بحجة أن الاحتياطي الفيدرالي أنفق 2.5 مليار دولار لتجديد المقر الرئيسي، وهاجم ذلك باعتباره "إهمالًا جسيمًا". لكن المطالبة الحقيقية كانت ببساطة خفض الفائدة. ترامب طلب بوضوح من الاحتياطي الفيدرالي خفض الفائدة إلى حوالي 1%، وحتى صرح قائلًا "من لا يخفض الفائدة وفقًا لرؤيتي، لا يستحق أن يكون رئيسًا". قد تبدو هذه التصريحات قوية، لكنها تعكس في الواقع رغبة في بيئة نقدية سهلة.

موقف الاحتياطي الفيدرالي الآن؟ الفائدة تتراوح حاليًا بين 3.5% و3.75%. على الرغم من أن المعدل خفض ثلاث مرات هذا العام، إلا أن التوجهات الأخيرة تشير إلى أنه في عام 2025 قد يتم خفضها مرة واحدة فقط. مدة ولاية باول كرئيس ستستمر حتى مايو 2026، ومدة ولاية الأعضاء في المجلس تمتد حتى 2028، لذلك فإن مستقبل السياسة قصيرة الأمد لا يزال غير واضح بشكل كبير.

بالنسبة لصناعة العملات الرقمية، فإن لهذا الأمر دلالات معقدة.

إذا تم المضي قدمًا في خفض الفائدة، فربما يكون ذلك خبرًا إيجابيًا. السيولة السهلة ستدفع الأموال نحو المخاطر العالية والعوائد المرتفعة، مما يجعل السوق المشفر هدفًا سهلاً لرؤوس الأموال الساخنة، وهذا قد يشعل شرارة سوق الثور. لكن المشكلة أن التدخل السياسي وعدم اليقين الناتج عنه قد يسبب تقلبات حادة في السوق، حيث شهدت البيتكوين على سبيل المثال، خلال فترات توقعات خفض الفائدة، انخفاضات شهرية تجاوزت 30%، مما أدى إلى عمليات تصفية واسعة.

من الناحية الهيكلية، العملات البديلة التي تعتمد على السيولة، والمشاريع التطبيقية قد تستفيد من دورة التيسير النقدي. لكن العملات التي تفتقر إلى دعم حقيقي تصبح أكثر عرضة للخطر، مع تضاعف المخاطر.

أما الخطر الأعمق فهو إذا تم زعزعة استقلالية الاحتياطي الفيدرالي، فإن عدم اليقين في السوق سيزداد على المدى الطويل، وهذا ليس خبرًا جيدًا لأي مستثمر. الصراع بين السياسة والنقد دائمًا ما يثير تقلبات كبيرة في السوق، حيث أن تشديد السيولة المفاجئ أو خيبة الأمل في التوقعات يمكن أن يكونا الأكثر ضررًا.

الوضع الحالي هو أن ضغط ترامب على الاحتياطي الفيدرالي أصبح متغيرًا رئيسيًا في السوق، وتصرفاته القادمة قد تحدد بشكل مباشر أين تتجه الأموال وكيف سيسير السوق المشفر.