خلف تقلبات السوق، يكمن في الحقيقة الصراع على قلوب الناس.

لا زلت أذكر النكتة التي انتشرت في بداية عام 2024، حيث كانت تقول: "في سوق الثيران، يمكنك أن تشم رائحة البيتكوين حتى في الهواء عند زاوية الشارع، وفي سوق الدببة، حتى التنفس يحمل رائحة الدماء". والمفارقة أنني كنت ذلك الشخص الذي تعرض لضربة السوق، وحسابي لم يتبق منه سوى 2000U، وهو ما يُعرف بـ"المُحَشّش المخضرم". لكن بحلول عام 2025، وباتباع بعض أبسط قواعد البقاء على قيد الحياة، استطعت أن أُعيد حسابي إلى 11.6 ألفU.

اليوم، سأشارككم بعض الدروس التي تعلمتها من سنوات البقاء على قيد الحياة في هذا العالم الدموي. المؤشرات الفنية موجودة بكثرة على الإنترنت، لكن ما أريد قوله هو أشياء أدركتها بعد أن أعاد السوق تعليمها لي مرارًا وتكرارًا.

**القاعدة الأولى: لا تتبع القطيع، ولا تتظاهر بأنك بطل**

عندما دخلت السوق لأول مرة، كنت واثقًا جدًا. كنت أعتقد أن نظرتي فريدة، وأحببت أن أشتري عند القيعان وأبيع عند القمم في أماكن غريبة. لكن، ماذا كانت النتيجة؟ السوق كان يعلمني مرارًا وتكرارًا — يا أخي، أنت لست البطل.

السوق يشبه نهرًا عاصفًا. يمكنك أن تجلس في قارب صغير وتتبعه بسهولة، وتستمتع بالهدوء. لكن إذا قررت أن تقفز إلى الماء وتريد أن تغير مجرى التيار؟ ههه، عليك أن تكون مستعدًا لأن يُجرفك التيار ويجعلك تسبح عاريًا. جربت أن أعمل عكس الاتجاه مرة، مرتين، ثلاث مرات. وكل مرة كانت حسابي يُعطيني درسًا. الآن، أدركت تمامًا — احترام السوق، ليس مجرد كلام فارغ.

كيف تفعل ذلك؟ بسيط جدًا. عندما يبدأ بيتكوين في التحرك، لا تجلس هناك تتساءل "لقد ارتفعت بالفعل بهذه الطريقة، هل من المعقول أن أشتري الآن؟" فقط اسأل نفسك: هل الاتجاه لا زال مستمرًا؟ إذا كان نعم، فتابع. وإذا لا، فانتظر. لا تتوقع أن تتنبأ بدقة بكل نقطة انعطاف — هذا حلم.

الخبير الشهير في التداول Peter Brandt قال مقولة مهمة، مفادها أنه يسعى طوال حياته لفرصة "استبدال دولار واحد بأربعة دولارات"، وليس أن يظل يفكر يوميًا في هل السوق سيرتفع أم ينخفض. سر المتداولين الكبار هو أن يتبعوا حركة السعر. قد يبدو الأمر أحيانًا كأنه تقليد أعمى، لكنه في الحقيقة احترام حقيقي لاختيارات السوق. أما الذين لا زالوا يختلقون هل هذا تصحيح أم انعكاس، فالمتداول الذكي قد دخل بالفعل في الصفقة بناءً على الاتجاه.

**القاعدة الثانية: جني الأرباح ليس عيبًا، والطمع هو العيب**

قد لا تصدق، لكن أكثر مأساة في سوق العملات الرقمية هي كالتالي: تربح 7 دولارات، وتريد أن تنتظر حتى تربح 10 دولارات. النتيجة؟ تخسر 3 دولارات. وتصبح غاضبًا جدًا، وتضرب رأسك على الشاشة.

في موجة السوق عام 2024، شاهدت بعيني كيف أن العديد من أصدقائي، كانت عملاتهم ترتفع بنسبة 40% خلال أسبوعين، ولم يبيعوا. لماذا؟ "هذه البداية فقط، والأمل أن ترتفع 50% أخرى". بعد عشرة أيام، عادت العملات إلى سعرها الأصلي، بل وانخفضت أحيانًا أكثر. لا أزال أذكر تعابير وجوههم حتى الآن.

الطمع في جوهره هو مجرد خيال بالمستقبل. تربح قليلاً، وتريد أن تربح أكثر. هذا الشعور، في سوق متقلب جدًا، هو سم قاتل ببطء. استراتيجيتي الآن هي: عندما تصل أرباحي إلى الهدف الذي حددته — مثلاً، إذا كانت هدفي 30%، وحققت 30% — أبدأ في تقليل المركز تدريجيًا. أبيع نصف الأرباح، وأضمن أن جزءًا منها دخل جيبي. والباقي أتركه ليواصل العمل.

هذه الطريقة واضحة جدًا. في أسوأ الأحوال، أكون قد حجزت جزءًا من الأرباح. وفي أفضل الأحوال، يمكن أن يستمر الجزء المتبقي في النمو. لكن، مهما كانت الحالة، أشعر بالراحة، لأن الأموال التي ربحتها أصبحت حقيقية.

**القاعدة الثالثة: إدارة المخاطر أهم من اختيار العملات**

هذه ربما تكون أسهل شيء يُغفل عنه، لكنها الأكثر خطورة.

الكثير من الناس يدخلون السوق ويبحثون عن "أي العملات سيرتفع". لكن قليل منهم يفكر بجدية في "ما هو الحد الأقصى للخسارة التي أستطيع تحملها". الأمر يشبه القيادة بسرعة 200 كم/س، وأنت تفكر فقط في الوصول، ولم تفكر أبدًا في مسافة التوقف.

خلال رحلتي من 2000U إلى 11.6 ألفU، كانت النقطة الأهم هي أنني كنت أتحكم بشكل صارم في مخاطر كل صفقة. القاعدة الأساسية كانت: لا تضع أكثر من 5% من رأس مالك في صفقة واحدة. حتى لو كنت متأكدًا أن العملة سترتفع، لا تفعل. السوق دائمًا لديه طرق جديدة لمفاجأتك، ويعاقب من يبالغ في الثقة بنفسه.

في موجة 2024، التي كانت مليئة بالمشاكل، تمكنت من البقاء على قيد الحياة لأن كل خسارة كانت تحت السيطرة. نعم، قد أخسر مئات أو آلاف الدولارات في صفقة واحدة، لكن الحسابات التي لم تكن تتبع إدارة مخاطر صارمة، كانت تخسر نصف حسابها في صفقة واحدة.

جاذبية سوق العملات الرقمية تكمن في عائداته العالية، لكن ثمن هذا العائد هو المخاطر الكبيرة. وأولئك الذين يربحون ويستمرون في البقاء، لديهم شيء مشترك: أنهم يضعون إدارة المخاطر أولوية على اختيار العملات بعشرة أضعاف.

**وفي النهاية**

حركة السوق من ارتفاع وانخفاض مجرد سطح. الحقيقة التي تحدد الفوز والخسارة، هي الحالة النفسية والانضباط وراء المتداول. الطمع قد يوقعك في فخ الفشل عند اقترابك من النجاح. والعمل عكس الاتجاه قد يجعل حسابك يتحول فجأة من الأخضر إلى الأحمر في ليلة واحدة. وعدم وجود وعي بإدارة المخاطر هو مقامرة مع القدر.

لقد عدت من 2000U إلى 11.6 ألفU، وليس باستخدام مؤشرات فنية سحرية، ولا بأخبار داخلية. فقط هذه القواعد الثلاثة البسيطة: اتباع الاتجاه، جني الأرباح في الوقت المناسب، وإدارة المخاطر الصارمة. إذا كنت تتعرض لضربات السوق الآن، فاهدأ، وأعد تقييم عاداتك في التداول. السوق دائمًا موجود، ولا تستعجل. الفرص الحقيقية للربح دائمًا تنتظر من يملك الصبر، والانضباط، ويعرف قدر السوق.